إنّ أثر الإبداع والابتكار وإنتاج المعرفة والمعلومات في نموّ وتطوّر اقتصاد الدول أمر لا يُمكن إنكاره. وقد نُظِّم نظام حقوق الملكية الفكرية بهدف توفير أقصى درجات الحماية للمبدعين والمنتجين للمعرفة والمعلومات، وذلك من خلال منحهم حقاً حصرياً في استغلال مصنّفاتهم الفكرية لصالحهم. ومع ذلك، فإنّ استهلاك ونشر المعرفة والمعلومات يُعدّ أيضاً من الأهداف الأساسية لهذا النظام القانوني، الأمر الذي أدّى إلى وضع بعض الاستثناءات والقيود على الحقوق الحصرية للمبدعين. ومن هنا، فإنّ الفلسفة الأساسية لنظام حقوق الملكية الفكرية تتمثّل في إيجاد توازن بين مصالح منتجي ومستهلكي المعرفة والمعلومات.
تُعتبر إيران، بصفتها دولة نامية، منتجةً للمعرفة والمعلومات إلى حدّ محدود، إلّا أنّها تُعدّ في نطاق أوسع مستهلكةً للمعرفة والمعلومات. فضلًا عن ذلك، فإنّ بلدنا، إيران، يزخر بثروات طبيعية ومواهب إلهية، وأفضل وسيلة لحمايتها من انتهاك الدول الأخرى هي الاستفادة من إمكانيات نظام حقوق الملكية الفكرية.
وقد أوجدت هذه الأمور ضرورة تأهيل المتخصصين والمنظّرين في مجال حقوق الملكية الفكرية، لكي يتمكّنوا من جهة من مساندة الجهات التشريعية والتنفيذية في الداخل، ومن جهة أخرى من الدفاع عن الحقوق والمصالح الوطنية في المحافل الدولية.
وانطلاقًا من هذه الأهداف، قامت كلية الحقوق بجامعة تربيت مدرس، بصفتها الرائدة في مجال التعليم الجامعي لحقوق الملكية الفكرية في البلاد، في شهر مهر من عام 1382هـ.ش (2003م) بتدريس حقوق الملكية الفكرية في مرحلة الماجستير كأحد فروع القانون الخاص، ثم في شهر مهر من عام 1387هـ.ش (2008م)، قامت بإطلاق تخصص مستقل لحقوق الملكية الفكرية في مرحلة الماجستير.
وفي الوقت الحالي، تقوم هذه الكلية بقبول طلاب الماجستير في تخصص حقوق الملكية الفكرية. وتشمل المواد الدراسية في هذه المرحلة مجالات متنوعة، نذكر منها على سبيل المثال: حقوق الملكية الأدبية والفنية، حقوق الملكية الصناعية، الفلسفة والأسس النظرية لحقوق الملكية الفكرية، قانون الحاسوب والاتصالات الحديثة، القانون التجاري الدولي والملكية الفكرية، الضمانات القانونية للملكية الفكرية، تنازع القوانين في مجال الملكية الفكرية، قانون الإنترنت والتجارة الإلكترونية، التحكيم الدولي وتسوية نزاعات الملكية الفكرية، وقانون نقل التكنولوجيا والمعرفة الفنية. ويتم تدريس هذه المواد من خلال الكوادر العلمية للكلية إضافةً إلى أساتذة وخبراء من جامعات أخرى في البلاد.
وفي عام 1402هـ.ش (2023م)، جرى إعادة النظر في البرنامج الدراسي لهذا التخصص بهدف تحديثه ونقل التطورات العلمية الحاصلة في المجالات ذات الصلة، وذلك بمشاركة جميع الأساتذة والخبراء في هذا الحقل، وقد بدأ تنفيذ الخطة الجديدة من الفصل الأول من العام الدراسي 1403-1402هـ.ش (2024-2023م).
ويعمل اليوم عدد كبير من خريجي هذا التخصص في مناصب قانونية مختلفة في البلاد، وإنّ استفادة المجتمع من معارفهم وتخصّصاتهم وخبراتهم وأبحاثهم سيكون لها أثر بالغ الأهمية.